الخميس، 23 مايو 2013

أهمية الرأي العام الدكتورمحمد باسل الطائي
















أهمية الرأي العام:
عندما كنت طالبا في جامعة مانشستر في بريطانيا كنت أشتري الخضار الطازج مرة أو مرتين في الأسبوع من الفلاحين الذين يفتحون بسطاتهم في مركز المدينة في مكان معلوم ويعرضون بضاعتهم الطازجة والرخيصة نسبياً على عرباتهم المرتبة. لذلك غالبا ما يكون هنالك طوابير على هذه العربات. وفي يوم جئت الى بائعة بدينة وطلبت منها كيلو برتقال. فأخذت الكيس وعبأته على عجل بالبرتقال وناولتنيه. ففتحته وفوجئت أن البرتقال هو من تسويق شركة كنت قد قاطعتها لتعاملها العنصري مع العمال. فقلت للبائعة في الحال: أنا آسف، هل لي أن أستبدل هذا البرتقال بالبطاطا أو البندورة؟ فقالت: لماذا؟ قلت: لأنني لا أتعامل مع هذه الشركة وانا مقاطع لها. فقالت: لا وقت عندي لذلك ولن أعيد هذا البرتقال. أنت عربي عنصري وحاقد إذهب الى الجحيم. ثم قالت: الي بعده رجاءَ. وكان الذي بعدي في الدور رجل طويل القامة فسألها: ما قصة هذا الشاب؟ قالت: لا شئ إنه يريد استعادة البرتقالات لأنه لا يتعامل مع من أنتجه. وقال الرجل ومالو لماذا تتهمينه بالعنصرية؟ قالت لأنه عربي وعنصري. فقال لها بل أنت العنصرية وأنت الحاقدة. ثم مضى الى بائع آخر. ثم قالت: اللي بعده رجاء. فجاءت امرأة عجوز وقالت: يالهفي عليكم .. ماذا يريد هذا الشاب؟ ققالت البائعة: إنه يريد إعادة البرتقال لأنه يقاطع الشركة التي تسوقه. فقالت العجوز: وما الخطأ في ذلك؟ قالت البائعة إن هذا الشاب معتوه وعنصري فردت عليها العجوز متمتمة وهي تمضي: بل أنت المعتوهة والعنصرية ثم مضت ولم تشتر شيئاَ... ثم نادت على الآخرين متجاهلة وجودي وأنا أقول لها أستبدلي البرتقال أو أعيدي الي نقودي... ثم ما لبت أن أدركت أن الوقت الثمين يمضي دون أن تبيع غراما واحداً إذ قاطعها الجميع... فقالت لي: ماذا تريد أيها العنيد لقد ألبت علي الرأي العام وقاطعوني. قلت الآن أريد نقودي كاش ولا أقبل باستبدال البرتقال بشئ آخر.. فدفت لي المبلغ بالتمام والكمال وهو لا يتجاوز نصف دينار فمضيت الى بائع آخر.
هكذا كان لموقف الرأي العام في ساحة بيع الخضراوات دور سريع وفعال في إحقاق الحق ووضعه في نصابه. وهنا أتساءل ماذا سيكون الموقف لو أن نفس الحادثة حصلت في سوق الخضار عندنا؟؟

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More