السبت، 22 يونيو 2013

عدالة عمر ابن عبد العزيز بقلم Ezel Karaeski


عمر ابن عبد العزيز ...أ هو ملك ؟ أم زاهد ؟
رجل لا كالرجال، وسيرة لا كالسير، وعذراً لن نَفِيَه حقه في هذه العجالة، لكن حسبكم وحسبي أن نقف عند بعض مواقفه؛ لنتفكر وننظر ونعتبر، والتاريخ نقرأ.

اقرءوا التاريخ إذ فيه العـبر ضل قوم ليس يدرون الخـبر


كانت خلافته ثلاثين شهراً لكنها خير من ثلاثين قرناً، لم يضيعها في كسب دنيوي ولا شهوة عاجلة ...وقام ليلقي أول خطاب له على المنبر فتعثر في طريقه إلى المنبر، تعثر من ثقل المسئولية، وتعثر من خوف رب البرية.وقف يتحدث للناس قائلا: لقد بُوْيِعت بالخلافة على غير رغبة مني، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتى، فاختاروا لأنفسكم.

فصاح الناس صيحة واحدة ممزوجة بالبكاء : قد اخترناك ورضينا بك.

ونزل عن المنبر.
وبعد ذلك تُعرض له الدواب والخيل ليركبها؛ لتكون موكبه إلى قصر الخلافة كما كان يفعل أسلافه فأعرض عنها قائلاً: ما أنا إلا رجل من المسلمين أَغْدو كما يغدون وأَرُوْحُ كما يروحون.عاد لبيته معلناً تواضعا ، ترك قصر الخلافة، ونزل غرفته المتواضعة وجلس حزيناً يئن تحت وطأة المسئولية، ثم استدعى زوجه فاطمة ءبدأ بالأقربينء استدعى فاطمة الزاهدة العابدة بنت الخليفة وأخت الخلفاء...فخيرها بين البقاء معه في الفقر و ترك حليها او السراح و الفراق فاختارته و اين تجد مثله.
قالت الزاهدة : بل أردها والحياة حياتك يا عمر ، وللآخرة خير وأبقى.
خرج إلى الأمة ليردها ، فكان فعله يصدق قوله، وكان لا يشغله شاغل، لَيْلُه قيام وبكاء وخشوع وتضرع، ونهاره عدل وإنصاف ودعوة وبذل وعطاء...ملأ الأرض عدلاً بعد أن كادت تُملأ جوراً، هيه يا عمر !
قد عشت عمرك زاهداً في كل ما جمع البشر
أتعبت من سيجيء بعدك في الإمارة يا عمر !
بعد كل صلاة ينادي مناديه: أين الفقراء ؟ أين المحتاجون؟ فيقدم لهم الطعام والأموال.
حرم اهله ملذات الحياة و هو الخليفة او الملك ...كان شديد المحاسبة لنفسه وَرِعاً تقياً، كان يقسم تفاحاً فتناول ابن له صغير تفاحة، فأخذها من فمه، وأوجع فمه؛ فبكى الطفل الصغير، وذهب لأمه فاطمة ، فأرسلت من اشترى له تفاحاً، وعاد إلى البيت وليس معه تفاحة واحدة، فقال لـفاطمة : هل في البيت تفاح؟ إني أَشُمُ الرائحة، قالت: لا، وقصت عليه القصة ءقصة ابنهء فَذَرفت عيناه الدموع و قال :لقد انتزعتها من فم ابني وكأنما أنتزعها من قلبي، لكني كرهت أن أضيع نفسي بتفاحة من فيْء المسلمين قبل أن يُقَسَّم الفَيءُ. 
مواقف عمر كثيرة لا تحصى و قد اختصرناها في جزء من حياته الشخصية و طريقة عيشه مع عائلته ...و كيف اختار ان يحيا و هو على رأس اعظم دولة آنذاك ...عن ماذا تخلى و ماذا اختار ...و الكلام عن هذا الرمز يطول و يطول ...فقد كان عبرة و قدوة و مثال للكل ...و لن تجد من يقول فيه كلاما قبيحا و كيف يقال في رجل مثله سيء ...و هو الذي اعطى الحرية لمن سممه و احسن اليه ...و اعترف به الغرباء قبل الاقرباء ...مات عمر وما مات ذِكره، ولا يموت ذِكرُ الصالحين، لهج المسلمون بالدعاء والثناء عليه، ليس المسلمون فحسب، هاهو ملك الروم ليون الثالث يقول : لو كان رجل يحي الموتى بعد عيسى لكان عمر ، لا أَعجَب من راهبٍ جلس في صَوْمعته وقال إنَّي زاهد، لكنِّي أعجب من عمر يوم أَتَتْه الدنيا حتى أناخت عند قدميه فركلها بقدميه وأعرض عنها 
ليس هذا فحسب، بل بكى عليه أحد رُهبان النصارى، فقيل له: لِمَ تبك عليه و عمر على غير دينك؟ قال : قد كان نوراً في الأرض فأُطفِئ.
عمر يا اخوان في نهاية الامر هو الملك الذي زهد في الملك بمنظوره السطحي البسيط ...بل و اعطى النموذج الامثل لمنح الامة القوة و التماسك ...و كذا التوازن الاجتماعي و الاقتصادي .




Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More