هل كل ما فات ...مات ؟؟؟!
كتثيرا ما نتكلم عن الماضي على أنه احداث مرت و شهدنا نتائجها مهما كانت ...و الآن نحن نعيش صفحة جديدة و النظر الى الخلف يكون مضيعة للوقت ...و لكن هذا ليس بالامر الصائب دوما ...ففي التاريخ عبر و منه نستقي دروسا ...فإذا عدنا إلى نشأة الدول و كيف غدت قوية فسنخرج بالكثير من النظريات في القيام و الانتشار و السيادة و القوة كما قال علامتنا *ابن خلدون * (العمران) ...و بتتبع هذه الأمم او الدول و سقوطها فسنعثر على اخطاء و عوامل أدت بدورها إلى انهيار و تقهقر بعد قوة ...عوامل و اخطاء يجب معرفتها كي يتم تجنبها لمن اراد البقاء و الاستمرار ...هكذا نعلم أن دراسة التاريخ مهمة جدا بل و ضرورية و سنجييء لتعداد بعض من منافعها .
كما قلنا و اعطينا المثال بالأمم ...فالتاريخ معرفته و دراسته مهمة فمن منافعه الاقتصادية الدراية باصول المعاملات التجارية ...كيف بدأت و كيف تمت ...من هناك سنعرف الاسس التي عليها قامت النظريات الاقتصادية ...من البداية تتبين الأخطاء التي قد تطمس من بعد ...فنعلم هل هذه النظريات و المعاملات من باب الغش و الربا و التطفيف ...ام هي مؤصلة من النزاهة و الاساليب المباحة ...كذلك سنعرف كيفية التعامل مع الازمات و الخروج منها .
من التاريخ كذلك نتعرف على قصس الكفاح و النضال و المعاناة التي مر بها العظماء حثى وصلوا الى العلياء ...نعرف كم التضحية و المكابدة ...فنصغر انفسنا و نستضعفها امام قصصهم ...فتزيد عندنا الرغبة و العزيمة و نتأسى بهم ( فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ....إن التشبه بالكرام فلاح ) .
من التاريخ نعرف حلفاءنا من أعدائنا ...نعلم من مصلحته الاطاحة بنا و اضعافنا ...كيف يكيد لنا منذ القديم و كيف ينتظر لنا الزلة و الفرصة لينقض علينا ...بالتاريخ سنأخد منه الحذر ...و الحيطة و سنستعد .
هناك اناس لم يوفوا حقهم و ابخسوا ...بالتاريخ سنعرف قدرهم و سنعلم من خدعونا ...و كيف خدعونا ...كيف أشربونا ما أرادوا و جعلونا نبتلعه و نفقد الحقيقة ...لقد صرنا نعرف ما أرادونا هم ان نعرف ...بالتعمق و الغوص في التاريخ سنعرف او على الاقل نقترب من المعرفة ...نقترب من الحقيقة .
مزايا قراءة و دراسة التاريخ لا تعد و لا تحصى و سنكتفي بما ذكرناه ...و سنأتي لمنهجيات البحث حيث يجد الكثير من طلبة العلم العديد من الاقوال و الاختلافات فلا يعرفون ما الاقرب منها الى الحقيقة من الابعد ...و المنهجية تنتديء بما عرفت في شرح مقدمة ابن خلدون في ديباجته عن علم التاريخ ...فيقول الشارح للمقدمة إن الباحث في التاريخ يحتاج الى *تعدد المصادر * فكلما تعددت المراجع و المصادر كانت امكانية الوصول الى الحقيقة او ما يقاربها اكبر ...بتعدد المراجع و المصادر تتسع ارضية البحث ...ثم يأتي دور المقاربة ...هناك احتمالية ان يكون هناك رأي يتعدد و يطرح في اكثر من محل و موقع ...قد يكون في اماكن متباعدة و يروى بطرق مختلفة ...هو الغالب انه الصواب ....و يعود الشارح ليقول *إن أمورا قد يصدقها العقل لا يصدقها الواقع ...العقل اوسع من الواقع * ...اي ان ما لا يقبل وجوده و حدوثه بالعقل في زمان و مكان ما ...ليس بالضرورة تصديقه لامكنة و ازمنة اخرى ...كذلك العقل قد يصور امورا في الواقع لا وجود لها ...قد نقبل بالعقل ان رجلا يحمل جبلا و نتخيلها ...لكن في الواقع و العلم و لحد الآن هذا امر غير وارد .
خد من التاريخ عبرة و ابدأ الرحلة بعبرة ...مقدمة لاحد البرامج ...لكنها تعجبني ...لانه ما اجمل ان يبدأ الانسان حياته و رحلته فيها و هو يتوفر على رصيد هائل من المعلومات و التجارب التي عاشها و هو يدرس الماضي و يتصور المستقبل و يخطط له ...فكما يقال في التنمية البشرية ...ما يعاش اليوم هو نتائج ما حدث بالماضي و ما يحدث في المستقبل هو رهين بما نفعله الآن ...فهل كل ما فات ...مات ؟؟!